
في عالم الأوهام والهلاوس التي يسببها إدمان المواد المخدرة، يفِر بعض الشباب والمراهقين من واقعهم بحثًا عن سعادةٍ ينتشون بها لدى استنشاقهم غاز «النيتروز أكسيد» أو ما أُطلق عليه «غاز الضحك» الذي أثار مؤخرًا حالة من الهلع بين المواطنين في المغرب، خاصة بعد تسببه في وفاة مراهقة تبلغ من العمر 15 سنة.
وفاة مراهقة مغربية بسبب «غاز الضحك»
انتشر الترويج لـ«غاز الضحك» في المغرب على مواقع التواصل الاجتماعي، منذ عام الإغلاق والحجر المنزلي الذي سببه تفشي فيروس كورونا، فبدأ المدمنون على المخدرات بتجربته لأغراض ترفيهية.
قبل أن يغزو الأسواق والمحلات العامة، وهو ما لفت انتباه السلطات الأمنية هناك، فالفتاة التي لقت حتفها بعد استنشاق الغاز، ابتاعته من محل متخصص في بيع التبغ بمدينة الدار البيضاء وسط غرب البلاد.
ووفقًا لوسائل إعلام محلية، يرجع سبب الإقبال المتزايد على ذلك النوع من المخدرات في المغرب إلى سهولة الحصول عليه بسعر زهيد دون رقابة، فضلًا عن الترويج له باعتباره وسيلة ترفيه يتم تناولها بطرق مختلفة، كـ«نفخ البالونات» بهدف الشعور بالفرح والنشوة، واستنشاقه في عبوات تؤدي إلى الضحك بشكل هستيري ما يعرض مستنشقي ذلك الغاز لخطر الإصابة بسكتات قلبية تُنهي حياتهم على الفور.
إلى جانب استخدامه في الأغراض الطبية باعتباره مخدرًا يعمل على تخفيف الشعور بالألم، يقبل بعض الشباب اليوم على استنشاق غاز «أكسيد النيتروز» لما يسببه من الشعور بالسعادة والنشوة التي تجعل المدمن عليه يتوهم بأنه في حُلمٍ جميل، دون إدراك للمخاطر الصحية التي يسببها ذلك الغاز عديم الرائحة واللون وغير القابل للاشتعال.
كما يؤدي استنشاق كمية كبيرة من «غاز الضحك» إلى فقدان الوعي، والإصابة بالنوبات القلبية، وفقدان التوازن، فضلًا عن الصداع، والغثيان، والقئ، والنوبات، وذلك وفقًا لحوار أجرته شبكة «CNN» مع الدكتورة جيل سالتز، أستاذة التخدير السريري في جامعة «كورنيل» الأمريكية.
وأضافت «سالتز» أن خطر الوفاة الناجم عن إساءة استخدام «أكسيد النيتروز» تختلف تبعًا لكمية التعرض وصحة الفرد، إذ يمكن أن تشمل المخاطر الأخرى تلف الدماغ والأعصاب وفقر الدم، إلى جانب الشلل ونقص فيتامين «ب 12» الذي يؤثر على الدورة الدموية.
مخدر يلجأ إليه الأطباء
في عيادات الأسنان وغرف العمليات، قد يحتاج الطبيب إلى استخدام غاز الضحك مع مرضاه خاصة في حال اضطراره إلى إعطاء إبرة في مناطق تسبب الألم الشديد، مثل اللثة والمنطقة القريبة من العين، لكن تعرض المريض لذلك الغاز ينطوي على تأثيرات على الجهاز التنفسي يمكن وصفها بـ«الخطيرة» في حال إصابته بالزكام أو عدم القدرة على التنفس بصورة طبيعية.
ومع ذلك يكون استخدام الأطباء لـ«غاز الضحك» أو «أكسيد النيتروز»، محدودًا لتجنب نقص الأكسجين الذي يسببه استنشاقه، فضلًا عن اتقاء الاضطرابات النفسية الشديدة التي قد يسببها لمن يعانون من الاكتئاب، وفقاً لبيانات «المكتبة الوطنية للدواء» الأمريكية.
استخدامات أخرى للغاز الخطير
لا تتوقف استخدامات غاز الضحك عند حدود المجال الطبي، بل يستعمل كذلك في مجال صناعات المواد الغذائية كالحلويات الهلامية التي تحتاج إلى تبريد وتكثيف، كذلك يدخل في صناعة السيارات.
ويرجع سبب حب البعض لإدمانه إلى تأثيره القوي بسبب احتوائه على مواد باردة يشعر بها المتعاطي في حنجرته وأنفه، مما يسبب شعورًا بالدوار والاختناق وغيرها من الآثار السلبية على الجهاز العصبي.
إدمان «غاز الضحك» على مستوى العالم
ووفقًا لدراسة نُشرت في مارس 2018، شهد الإدمان على «غاز الضحك» إقبالًا كبيرًا في جميع أنحاء الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
وأشارت الدراسة إلى أن استخدام «أكسيد النيتروز» حلّ في المرتبة الثانية بعد القنب «الحشيش» في عام 2020، وارتبطت زيادة استخدامه في هولندا بعدد مرتفع من الشباب الذين يصلون إلى المستشفى وهم يعانون من مشاكل عصبية.